لكل أمة من الأمم طابع فني خاص …
تتميز به ، وتعكس للأمم الأخرى
في صوره وأشكاله نظام الحياة فيها ،
ونمط المعيشة والعادات والتقاليد …
ولقد كان العالم يسير منذ البداية
على فطرته ، وكان له من وقته فسحة
ومن فراغه متعة .
وكانت مشاغل البشر في تلك العهود الغابرة لا تتعدى مهام حياتهم وشؤون كيانهم ،
تشملهم الطمأنينة والسلام ،
وتجمعهم عوامل الجد والعزم والعمل الهادئ .
تدفعهم دوافع الكفاح والجهاد من أجل العيش والبقاء فهم مندمجون في بيئتهم
بين أحضان الطبيعة التي عشقوها ،
ومن أجل ذلك كان إنتاجهم يعبر أصدق تعبير عما تكنه الطبيعة من أسرار ،
وما تنطبق به من جمال كأنهم لسانها
أو صورتها المنعكسة على صفحة
أعمالهم وتفكيرهم .
ولا شك أن التاريخ سجل للفنون نشأتها الفطرية ، كما سجل بقاءها وقتا من الزمن ،
فعندما ألحت على الإنسان الأول حاجته إلى التجميل والزخرفة والتزين ،
كان البديهي أن تكون الطبيعة
مصدر وحيه وإلهامه ، فاستوحى
من بعض ما يحيط به من مشاهدها عناصره الزخرفية وزين بها كهفه ووشم جسمه
ولم يخطئ الفن طريقه حتى إلى الشعوب البدائية التي قطن أهلها المغاور
والكهوف في كل قارة
من قارات العالم ، هذه الشعوب خلقت على سلعها وأدواتها وملابسها ومختلف
حاجياتها شتى ضروب الزخرفة والتزيين
وقد قصدوا بها التجميل والتذويق .
وتعاقبت على مر العصور حضارات مختلفة في معظم أرجاء العالم ، واتخذت لها
مظاهر متميزة ومتعددة
وتنوعت فنونها تبعا لبيئتها ومقوماتها ، فمنها من نشأ هذا الفن عندها وليدا ابتكرته
أذهانها وخلقته بيئتها ،
ومنها من نشأ عندها ربيبا اقتبسته من جارات لها واحتضنته ورعته ليتماشى
مع ذوقها وشعورها .
( هذه نبذة صغيرة عما يشكله الفن
في حياة الشعوب والحضارات المختلفة )